صناع النجاح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
صناع النجاح

لا تغتنم الفرصة بل اصنعها......صناع النجاح...المفتاح بيدك

يسر المنتدى أن يفتح لكل التلاميذ متوسط المجال للمراجعة و الدراسة... لمزيد من المعلومات الاتصال بالمدير أو الاتصال على البريد العادي خانة بريدية 160 - المرسى الكبير - وهران
أحبتي في الله يسعدني ان اطلب منكم المساهمة في تطوير المنتى بمختلف المشاركات و الاراء و الانتقادات و لكم اطيب المنى

    نشأة اللسانيات أو علم اللغة

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 195
    تاريخ التسجيل : 10/11/2009

    نشأة اللسانيات أو علم اللغة Empty نشأة اللسانيات أو علم اللغة

    مُساهمة  Admin الإثنين فبراير 01, 2010 10:18 pm

    نشأة اللسانيات أو علم اللغة
    يمتد نظر الإنسان إلى لغته إلى بدايات رغبته في استكناه ما حوله من ظواهر٬وإذا أرخنا للعلوم بهذه الرغبة فلا بد أنَّ علم اللغة أو اللسانيات سيكون من أول العلوم البشرية. ولا بدَّ أن أمورا عدة في اللغة قد استرعت ثمَّ شدَّت انتباه الإنسان إليها ٬أولها ارتباط الأصوات بالمعاني٬ وسبل توصيل هذه المعاني إلى الآخرين ٬و التنغيم الموسيقي الذي يرافق إنتاج مجموعات الأصوات٬ وعناصر الجمال في النتاج اللغوي فيما بعد... إلا أن هذا كله يقع ضمن باب الحدس. ذلك أننا في هذه الافتراضات نضرب في أعماق تاريخ الحضارة البشرية بل في بواكير نشوئها ٬وليس لدينا من أدوات التحقيق إلا أن ننظر في الأسطر العامة التي ترد في خواطرنا جميعا وما تزال تثار في كل مرة يجري فيها حديث بين اثنين عن اللغة .
    فإذا تقدمنا شيئا ما فوصلنا إلى ما هو مسجل من النشاط الفكري البشري المنظم وجدنا النظر في اللغة يبدأ في العادة بتعلقها بنواحي أخرى في الحياة٬وليس هذا بغريب إذ لعل من أهم ما يميز اللغة – كظاهرة إنسانية – هو سعة صلتها بحياة الإنسان من جوانبها المتعددة المختلفة. وهكذا نجدنا أمام تراث فكري لغوي ثري يمتد فيشمل زوايا عديدة للنظر في هذه الظاهرة.فمن نظرَ إلى علاقة اللغة بالتفكير وكيف نعبر عن أفكارنا باللغة٬ ومن نظر إلى علاقة اللغة بالإنسان من حيث تطوره العقلي الحضاري٬ ومن نظر إلى القيم الجمالية أو – حتى الإعجازية – في التعبير اللغوي وهكذا .
    والذي يبدو أنه وإن كان يُنظر إلى بدايات البحث في اللغة من حيث كونها جزءا من النشاطات الإنسانية المختلفة٬ فإن هذا البحث انتقل دوما في مراحله اللاحقة إلى النظر في اللغة لذاتها . ولعل انتقال البحث إلى اللغة موضوعا بحثيا مستقلا يؤشر مرحلة نضج في البحث اللساني٬ ولو أنه لا يعني أبدا انتهاء البحث في الصلة بين اللغة والفكر٬ واللغة والنتاج الأدبي ٬واللغة والمجتمع٬ واللغة و النمو ...فهذه الحقول ما زالت مزدهرة اليوم ومازال البحث فيها يؤلف جزءا لا يستهان به من البحث اللساني – أو البحث الإنساني على نحو أعم . الذي نقصده هنا هو أن تقدُّم البحث اللساني يرافقه مجيءُ باحثين ممن يرضيهم ويكفيهم علميا أن ينظروا في اللغة كموضوع بحث مستقل عما يتصل به من الفعاليات الأخرى. أي أنهم بعبارة أخرى يسبغون على هذا النظر المقتصر على اللغة في حد ذاتها مشروعية ًعلمية ً٬والمتتبع لتاريخ الدرس اللساني يجده غنيا بالخلافات والصراعات بين التوجهات المختلفة وأسسها وخلفياتها الفكرية والاديولوجية٬أنظر المزيد من التفاصيل في( Newmeyer 1986 ) .
    في التراث اللساني الحديث يمكن أن نؤرخ لهذا الاستقلال الموضوعي – وما تلاه من استقلال في حدود الحقل العلمي – بتطور اللسانيات التاريخية منذ أواخر القرن الثامن عشر. فضمن هذه المقاربة كان موضوعُ البحث النظامُ اللغويُّ مستقلا عن الفكر والروح والأدب وما يعرض له من تغيرات. و إلى جانب هذا نجد التراث القديم من كتب القواعد التعليمية فيما عرف ب«القواعد التقليدية » والتي تناولت بتفصيل أو بإيجاز جوانب مختلفة من النظام اللغوي في هذه اللغة أو تلك كجزء أساسي من مهمتها الرئيسة – ألا وهي تعليم لغة لمن لا يعرفونها أو لمن لا يحسنون ضبط قواعدها .
    ومع إطلالة القرن العشرين وجد هذا الاستقلال الموضوعي دعمه الأكبر في بروز اللسانيات البنيوية في أوربا وأمريكا٬ ففي أوربا نجد هذا الاستقلال يتجلى بأوضح صوره في البحوث اللسانية المستفيضة في مراكز علمية مثل جنيف٬ حيث عمل فيرديناند دي سوسير٬ أبو اللسانيات المعاصرة - كما يحبُّ أن يدعوه بعض المتحمسين من اللسانيين – ومثل مدرسة براغ وروادها ياكبسون وتروبتسكوي . لقد ناقش سوسير هذا الاستقلال في الدرس اللساني بإسهاب في كتابه المشهور "محاضرات في اللسانيات العامة" ويتضح توجهه هذا من تأكيده – مثلُه في ذلك مثل غيره من البنيويين – على الطبيعة المستقلة للنظام اللغوي وغير المستمدة من أسباب وعوامل خارجة عنه٬ والتي تتجلى في اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول في النظام اللغوي وفي شرعية (بل ضرورة) دراسة اللغة دون الرجوع إلى تاريخ تطورها٬ أي دراستها من حيث هي كل بنيويٍّ تعرف أجزاؤه من خلال موقعه في هذا الكل وعلاقتها بعضها ببعض.
    وقد كان عمل البنيويين الأمريكيين أكثر تعزيزا لهذا التوجه الاستقلالي٬ وقد أكده هؤلاء في تركيز دراساتهم على لغات غير اللغات الكلاسيكية التي ظلت موضع البحث اللساني تقليديا. لقد اتجهوا إلى دراسة اللغات الهندية – الأمريكية ٬وهي لغات لم تكن مكتوبة ولم يكن لها أدب معروف ومنشور ومعترف به ٬ولم تكن إلى جانب ذلك مرتبطة بتاريخ العالم القديم ٬ولهذا فلم تكن لتحظى باهتمام مراكز الدرس اللساني التقليدية٬ ولا غرابة إذن في أن تنشأ هذه الدراسات في أقسام الأنثروبولوجيا في الجامعات الأمريكية.
    و إذ نمعن النظر في اللسانيات البنيوية سنلاحظ أنها تمثل استمرارا للاتجاه الاستقلالي في الدرس اللساني٬ ولكنها في الوقت نفسه تمثل تحولا في مجموعة من المنطلقات النظرية فيه . ولعل تأكيدها على تساوي اللغات وعدم أفضلية واحدة على أخرى – أي لا مشروعية لإسباغ أحكام قيمية على اللغات – وتأكيدها على تزامنية البحث اللساني يأتي على رأس هذه التحولات . ويمكن أن نعد ذلك ناتجا لسعي اللسانيات البنيوية في ترسيخ علمية هذا الحقل وتأكيد حدود موضوعه ثم وضع منطلقات نظرية له - وبهذا ينفصل ويبتعد عن غيره من التوجهات لدراسة اللغة التي لن تكون علمية – وفق هذه الاعتبارات – لأنها تقع خارج الحدود التي رسمت .
    وقد اتخذت اللسانيات البنيوية سندا فلسفيا لها في التجريبية (أو إنها ناتج لتأثير التجريبية كتوجه فكري على حقل علمي كاللسانيات)٬ بل لعلها وجدت هذا السند في أشد صورتين للتجريبية – أقصد الإجرائية و الظاهراتية الصارمتين. ولعل هذا التلازم يتجلى بأوضح أشكاله في اللسانيات البنيوية الأمريكية أكثر منه في أوربا٬ فقد رفضت اللسانيات الأمريكية كل ما هو ليس ظاهرا وما ليس له وجود مادي في الكلام في تحليلاتها ومقولاتها وتنظيراتها .وقصرت البحث اللساني على استنباط إجراءات لتحليل المعطيات اللغوية- أي المادة اللغوية - إلى أجزائها و مكوناتها٬ وما يتطلبه ذلك من وضع الوحدات التحليلية لكل مستوى من مستويات النظام اللغوي . ومع أن استنباط إجراءات عامة للتحليل اللساني ووضع وحدات لهذا التحليل هو عمل نظري بلا شك إلا أن قصر "التنظير اللساني"عليه كان بالتأكيد ناتجا عن التوجه الفكري التجريبي لدى البنيويين . فلِكيْ يكون ما تفعله علما لا بد له أن يقتصر على الملاحظات التجريبية بدون افتراضات مسبقة وبدون حدس٬ وأن يقتصر موضوعه على الانتظامات النسقية في المعطيات اللغوية وهي ما نسمعه من النتاج اللغوي الفعلي .
    من ناحية ثانية نظر اللسانيون البنيويون إلى السلوك اللغوي نفس نظرهم إلى أنواع السلوك الأخرى؛ يتعلمه الإنسان كما يتعلم غيره من المهارات عن طريق آلية تعلم بسيطة تتمثل بالفعل ورده وتعزيزهما٬ وهي آلية التعلم الوحيدة التي تقترحها المدرسة السلوكية في علم النفس في تفسير طبيعة المعرفة . وإذن وفقا لهذه الرؤية ليست اللغة غير نظام من العادات السلوكية يتعلمها الإنسان كما يتعلم غيرها من المهارات والعادات وتحكم تعلمها نفس الآلية .اللغة ٬بهذا٬ نظام خارجي يكتسبه الإنسان بعد أن كان ذهنُه صفحة بيضاء خالية منه.
    ومن ناحية ثالثة فاللسانيات البنيوية نظرت إلى اللغة كنظام بنيوي متماسك وجعلت موضوع دراستها وصف هذا النظام والمبادئ التي تسمه٬ وهي مبادئ ذاتية من النظام وليست مستقاة من حقول معرفية أخرى. وبهذا المعنى فإن اللسانيات البنيوية تمثل اتجاها لاستقلال الدرس اللساني .
    إلى هذه العلامات في تاريخ اللسانيات تضاف علامة مهمة أخرى من علائم تطور الدرس اللساني وهي بروز المدرسة التوليدية أواسط هذا القرن متمثلة بشكل رئيس بأعمال نعوم شومسكي التي اعتبرت ثورة في هذا الحقل . ومع أن فصول هذا الكتاب اللاحقة ستفصل في مختلف جوانب هذه المدرسة مما سيوضح - ولو بشكل غير مباشر – مواطن اختلافها مع غيرها من المقاربات اللسانية٬ إلا أنه من المهم هنا ذكر أن هذه المدرسة لا تخرج عما اتفقت عليه تلك المقاربات والمدارس اللسانية من استقلال موضوع الدرس اللساني .
    *** هدف الدرس اللساني :
    - المعرفة اللغوية:
    قلنا في السطور السابقة إن عمل شومسكي ومن بعده مدرسة القواعد التوليدية يمثل استمرارا للاتجاه المستقل في اللسانيات٬ ولكنه يمثل ثورة في جوانب عديدة من الدرس اللساني٬ وهذا التغير "الثورة" لم يقتصر على النواحي التفصيلية الجزئية أو الفنية بل وسع قضايا جوهرية في منهج البحث٬ وقبل ذلك في أسس الدرس اللساني و منطلقاته النظرية . يصف شومسكي التغير الرئيس الذي حصل في الدرس اللساني ببساطة فيقول إنه تغير« من تركيز الاهتمام على السلوك ومنتجات السلوك إلى التركيز على نظام المعرفة الذي يكمن وراء استعمال اللغة وفهمها» (Chomsky 1986 a :24) ٬ إنه التركيز على دراسة معرفة الإنسان بلغته بدلا من وصف وتحليل ما ينطقه الناس وفق إجراءات محددة وهو ما كانت المدرسة البنيوية ترسم حدود الدرس اللساني به .
    يرى شومسكي أن هدف الدرس اللساني يتمثل ببناء نظرية للغة الإنسانية٬ وهذا بالنسبة لشومسكي هو ما يجعل من هذا الدرس علما. فعنده لا يشكل درسٌ علما إذا اقتصر على وضع إجراءات تحليلية توصف وفقا لها معطيات ظاهرة معينة . فالعلم – أيُّ علم - لا بد له من أن يسعى إلى وضع نظرية "تفسر" الظاهرة التي يتصدى لدرسها. ومن هذا المنطلق يقدم شومسكي أسئلة ثلاثة أو أربعة تحدد مسار البحث العلمي وأهدافه في الدرس اللساني وهي (انظر Chomsky 1986 a -1988:3) :
    1 - ما الذي تعنيه معرفة اللغة ؟
    2- كيف يعرف الإنسان لغته ؟
    3 - كيف يستخدم الإنسان تلك المعرفة ؟
    4- ما هو الأساس المادي لتلك المعرفة ؟
    ماذا يعني أن يعرف الإنسان لغة ما ؟ وكيف يكتسب الإنسان تلك اللغة ؟ وكيف يضعها موضع استعمال ؟ وما هي الآليات المادية التي تعمل أساس ماديا لهذا النظام المعرفي ؟ أي طبيعة تلك المعرفة واكتسابها واستعمالها٬ وأساسها المادي في الدماغ. تكون هذه الأسئلة برنامج بحث متكامل يفترض به أنه يصل بنا إلى بناء نظرية للغة البشرية.
    لا بد أن يبدأ الجواب عن السؤال الأول بالتفريق بين جانب النظام الداخلي المستقل في اللغة - أي قواعدها وبين الجوانب الأخرى من الظاهرة اللغوية٬ تلك التي تأتي نتيجة تداخل اللغة بغيرها من مجالات المعرفة – ولنلاحظ هنا أننا نفترض مثل هذا الفرق تأسيسا على وجود نظام داخلي مستقل ومتميز ولكن كل هذا افتراض٬ إذ لم لا تعم المعرفة اللغوية كل الجوانب التي ذكرناها؟ وهل هناك نظام خاص باللغة مستقل عن غيره ؟ ولم لا يكون النظام الداخلي للغة انعكاسا للتداخل الحاصل بين اللغة وغيرها من مجالات المعرفة ؟ إن كل هذه الأسئلة عن أمور يمكن التحقق منها تجريبيا ٬ولعل من المفيد أن نخصها ببعض المناقشة لكي تسهل علينا إجابة السؤال الذي بين أيدينا وهو كما يتذكر القارئ عن طبيعة المعرفة اللغوية.
    مقتبس من كتاب «مقدمة في نظرية القواعد التوليدية» للدكتور مرتضى جواد باقر ٬دار الشروق ٬عمان-الأردن ٬ طبعة 2002. ص 15-20 .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مارس 18, 2024 9:48 pm